عبدالرحمن بن عبدالله الشدي
الرأي العام والغوغائية الحديثة
للرأي العام أهمية تكاد توازي أمن البلدان القومي فهو نواة المجتمع وقد يكون ساعداً قوياً لبناء حضارة أو معولاً كاسراً لهدمها ، إن هذا الأمر ونقيضه هو بمثابة الموت والحياة وهذا ما يجعل كثير من مراكز الدراسات التي شيدت ولا تزال تشيد تعمل ليل نهار للالتقاء بالجميع إلى نقطة تخدم الصالح العام ، ولعل التحديات التي تواجه من يريدون أن يقطفوا رأياً اجتماعياً تجاه أي قضية أصبحت كبيرة بعد أن تنوعت مصادر الرأي عن السابق في قاطرة الإعلام بمضامينها فكل ما كان يقال في السابق لا يخرج من إطار العقلانية والموضوعية وبغية الهدف المشترك ، أما اليوم فمنصات التواصل الاجتماعي والفضاء المفتوح والموجه أحياناً لأغراض تخريبية جعلت الأمر أكثر خطورة وصعوبة وهو بطريقة أو بأخرى أصبح سبباً لنشوء الغوغائية والتي قد تكون سبباً لفناء دول وهدم حضارات بل وقيم اجتماعية نبيلة ولاشيء نواجهها به بأعظم من بناء الإنسان فكرياً وترسيخ عقيدته ومراجعة ثوابته بما يعود عليه أولاً بالمنفعة ثم لوطنه ، ولعل قيادة هذه البلاد الطاهرة سلمها الله لها نموذجاً يحتذى في بناء هذا الإنسان والحرص على سلامة معتقداته ورفاهيته وتعليمه ، وهو ما جعل من مواطنيها سوراً عظيماً وسلاحاً نافذاً في مواجهة الأعداء ولعل منصة " تويتر " لوحدها خير دليل لقوة ومكانة المغرد السعودي في الذود عن وطنه وقيادته ، وهذا مالم تفهمه بعض من الأنظمة الحاكمة في محيطنا والتي كانت تعتمد على البروباغندا في إعلامها من الحقائق الناقصة والمضللة وشحذ العاطفة أكثر من العقل وتسخير مواردها في تصعيد الخلافات الإقليمية وبث الفرقة والطائفية حتى أتى الإعلام الجديد بمنصاته الحديثة وجمع كثير من الغوغائيين على قلب رجل واحد فهدموا البلد على رؤوس أهلها أو كانوا سبباً في تفكك اللحمة الوطنية وكثرة الأحزاب والنزاعات والفقر، ولو أن شيئاً من هذه الموارد كان موجهاً لبناء الإنسان لكانوا في مأمن من كل هذه الشرور ، فعندما يرضخ رجل الفكر أو السياسة لهذه الجموع الغوغائية فهذا هو الخطر بعينه ومن يشكك في صحة ما أقول عليه أن ينظر لخطابات بعض السياسيين التي تمثل مجتمعات مهترئة تحكمها الغوغائية يجد تلك الخطابات منحلة من القيم متخمة بالسوقية في سبيل إرضاء الشارع على طريقة السيد حسن نصر الله في لبنان، إن الغوغائية في انتشارها وتمكنها من أي مجتمع لهي شر عظيم فهي باب لدخول الأعداء والأجندات الخارجية وهي في زماننا هذا قد تهيأت لها السبل أكثر من ما مضى وهي لن تخلوا من مجتمع مهما بلغت حضارته وتقدمه فهي باقية ولكنها بنسب متفاوتة فالناس ليسوا سواءً في مداركهم فمنهم من يطرح رأياً دافعه الإيمان العميق بنظرية المؤامرة ومنهم من يتشنج في رايه الى حد العداوة نظراً لعامله التربوي والذي لا يهتم أبداً بحرية الآخرين الفكرية واحترام آرائهم وهناك نوع قد تملكه الإيحاء الاجتماعي والذي أصبح يقوده ولو لحتفه في سبيل تمسكه بهذا الرأي ، وهناك نوع تأتي وتروح به العاطفة، إن كل هذا لم يعد لأي قوة في العالم مواجهته إلا ببناء الفكر والعقل وهذا ما أدعوا إليه ابتداء من مناهجنا فأصبح من الضروري إضافة مقررات ولو مبسطة تُعنى بالفكر والرأي وكيفية تعليم أبنائنا قراءة الواقع وربط الأحداث ومعرفة حقيقة كل صوت فالرأي الصحيح هو بمثابة السراج الذي يريك الواقع أكثر وضوحاً فترى من خلال صوابه الحقيقة وهي تلوح لك .. في أمان الله
الكاتب: عبدالرحمن بن عبدالله الشدي
07/12/2020 4:20 م
عبدالرحمن بن عبدالله الشدي
لا يوجد وسوم
0
2660
وصلة دائمة لهذا المحتوى : http://www.alkharjnet.net/articles/%d8%a7%d9%84%d8%b1%d8%a3%d9%8a-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d8%a7%d9%85-%d9%88%d8%a7%d9%84%d8%ba%d9%88%d8%ba%d8%a7%d8%a6%d9%8a%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%ad%d8%af%d9%8a%d8%ab%d8%a9