النظرية البنائية وتأثيرها على التعليم والمناهج التعليمية
النظرية البنائية تعتبر من النظريات الحديثة التي أسهمت في إعادة صياغة فهم المتعلمين، ولم يقف الأمر عند ذلك الحد؛ ولكنه استلزم إعادة بناء المناهج وفق ذلك الفهم الجديد، وكذلك تصويب نظرة المعلمين تجاه طلابهم.
وتقوم النظرية البنائية على أساس بناء الفرد لمعرفته بنفسه، فالنظرية في أبسط صورها تعني قدرة المتعلم على بناء معرفته بنفسه؛ حيث يقوم التعليم البنائي بتحفيز المتعلمين للتعلم من خلال التفاعل مع المعتقدات الجديدة وربطها بالمعتقدات المعرفية السابقة، وسميت تلك النظرية بالبنائية نظرا للتشابه الكبير في البناء في علم العمارة وبين البناء في علم التعليم.
والنظرية البنائية لم تولد فجأة ولكنها حصيلة جهود كثير من علماء الفلسفة التربوية السابقين الذين مهدوا الطريقة لقواعد تلك النظرية، فالنظرية البنائية لجان بياجيه نظرية في التعلم تستمد أصولها من نظرية المعرفة الارتقائية التي تناولت المعرفة من جميع جوانبها، فهي نظرية لم تنطلق من نقطة الصفر بل كانت بناء جديدا لنظرية المعرفة الارتقائية التي تضمنت مبادئ معرفية ساهمت في تشكيل النظرية البنائية وجذورها الفكرية.
وبالرغم من أن البنائية نظرية في التعلم وليست نظرية في التدريس، فهي تستند إلى توليفة للعمل السائد في علم النفس والفلسفة والأنثروبولوجيا، إلا أنها قدمت معايير للتدريس الفعال في كثير من دول العالم بناء على الدراسات الميدانية التي قامت في أمريكا واليابان، وفنلندا، والهند، وتركيا، ونيجيريا، وكذلك في الدول العربية مثل سوريا ومصر والمملكة العربية السعودية.
وقد أحدثت النظرية البنائية ثورة في علم المناهج في جميع الأدبيات التربوية في العالم، والمملكة العربية السعودية جزء من هذا العالم الذي تبنى وضع المناهج وتطويرها وفق مبادئ التعليم البنائي؛ فأضحت المناهج في المملكة العربية السعودية تقدم من الكل إلى الجزء، وتؤكد على المفاهيم الكبيرة والمهارات، وتستجيب تلك المناهج لاهتمامات وميول المتعلمين، مع الاعتماد على المصادر الأولية للمعرفة والمواد التي سيجرى التعامل معها.
فالمنهج المدرسي في ضوء النظرية البنائية لم يعد وثيقة للمعلومات المهمة، ولكنه أصبح في ظل البنائية مجموعة من فعاليات التعلم يتم في إطارها اشتراك الطلاب والمعلمين في مناقشة المضمون وبناء المعنى، لذلك فإن دور الطالب في ضوء النظرية البنائية يركز على أن يكون المتعلم نشطا، مفكرا، يستطيع أن يبني نظريات عن العالم، وتركز بيئة التعلم البنائي على العمل ضمن مجموعات من خلال التعلم التعاوني.
أما دور المعلمين في النظرية البنائية فهو يدعم الطالب في معرفته من خلال التفاعل مع المتعلمين، وتهيئة البيئة المناسبة لتعلمهم، والاهتمام بوجهات نظر المتعلمين لكي يستوعبوا خبراتهم السابقة لاستخدامها في الدروس اللاحقة.
وقد انبثق من النظرية البنائية مجموعة من النماذج التعليمية التي تسهل تطبيق تلك النظرية ومن تلك النماذج نموذج التعلم المتمركز حول المشكلة، ونموذج التغير المفهومي، ونموذج الشكل V، والنموذج الواقعي، ونموذج بايبي البنائي، وغيرها من النماذج، وتقوم تلك النماذج في مجملها على أساس أن يضع الطالب عند التعلم مشكلة حقيقية يشعر بها بنفسه، ثم يحاول أن يفكر من أجل اكتشاف حلول لتلك المشكلة التعليمية.
وقد حاولت تلك النماذج والاستراتيجيات التعليمية معالجة أوجه القصور في النظرية البنائية والتي تتمثل في صعوبة تحديد الأهداف وتقنينها لكونها تعتمد على مستوى البنيات المعرفية للمتعلمين والتي لا يمكن قياسها بشكل يسبق عملية التخطيط للأهداف، مما يتطلب توافر بدائل تربوية عديدة تتناسب مع تباين مستوى البنيات المعرفية لدى المتعلمين.
من خلال ما سبق يتضح أن بيئة التعلم في النظرية البنائية بيئة مرنة تهتم بالتعلم الذي يحدث من خلال الأنشطة الحقيقية التي تساعد المتعلم في بناء الفهم وتنمية المهارات المناسبة لحل المشكلات.
بقلم : حصه حسن ال فهاد
اشراف الدكتور حمد القميزي
تكليف من تكاليف المنهج ونظريات التعلم ماجستير مناهج وطرق التدريس جامعة سطام
15/11/2020 4:26 م
حصه حسن ال فهاد
لا يوجد وسوم
0
2261
وصلة دائمة لهذا المحتوى : http://www.alkharjnet.net/articles/%d8%a7%d9%84%d9%86%d8%b8%d8%b1%d9%8a%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%a8%d9%86%d8%a7%d8%a6%d9%8a%d8%a9-%d9%88%d8%aa%d8%a3%d8%ab%d9%8a%d8%b1%d9%87%d8%a7-%d8%b9%d9%84%d9%89-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%b9%d9%84%d9%8a